تحليل: الهندسة في التحليلات العسكرية و السياسية



مقدمة
ان الهندسة بمفهومها هي علم و فن تحويل النظريات العلمية البحتة الي شكل تطبيقي يستفيد منه البشرفي حياتهم.... وفي سبيل ذلك يبذل جموع المهندسين مجهودات جبارة في سبيل تحويل تلك النظريات العلمية الي صور قابلة للتطبيق بحيث يتحقق اقصي استفادة ممكنة من تلك النظريات و باعلي جودة و باقل تكلفة.


و خلال هذا البحث سنتعرف  كيف تتكامل الاعمال الهندسية و تطوراتها مع صناعة القرارات السياسية و العسكرية للدول مع ذكر بعض الامثلة التاريخية و المعاصرة علي تلك الاعمال.


الهندسة و الحرب


لا يمكن باي حال من الاحوال فصل الهندسة عن العسكرية .... فالهندسة شق اساسي في اي عمل عسكري ... و يمكننا تقسيم الاعمال الهندسية المرتبطة بالعسكرية الي شقين .... الاول و هو المتعلق بتطوير الاسلحة و هذا سنتناوله بشئ من الاختصار و التبسيط نظرا لارتباطه الوثيق باعمال و مهام القوات التي تستخدم تلك الاسلحة .... و اما الشق الثاني فهو المرتبط باعمال التجهيز الهندسي لمسرح العمليات و المرتبط باعمال المهندسين العسكريين و هذا سيكون له النصيب الاكبر في بحثنا هذا.


• تطوير الاسلحة


ان تطوير الاسلحة جزء اساسي من عملية تطور الشعوب للحفاظ علي حدودها و ثرواتها و مقدراتها .... فنجد تطور الاسلحة من الرمح و السيف و السهام و المنجنيق  ثم ظهر البارود و اعقبها ظهور البنادق البسيطة و المدافع الصغيرة الي ان وصلنا الي عصر الطائرات و الصواريخ الصغيرة  و الاستراتيجية العابرة للقارات.


ان تطور السلاح يعطي الجيوش التي تملكها اليد العليا في مسرح العمليات علي اعدائها .... بمعني انه اذا افترضنا حدوث مواجهة بين دبابتين فان الدبابة التي تصل الي مسافة مناسبة للضرب و هي لا زالت خارج المدي المؤثر لدبابة الخصم هي التي ستنتصر....و لذلك علي الدولة صاحبة الدبابة الاضعف ان تمتلك وسيلة مضادة لدبابة الخصم الافضل من ناحية هندستها.


اذا تابعنا تطور المعركة بين الدبابتين في المثال الموضح...كما ذكرنا يجب علي الجيش الذي يمتلك الدبابة الاضعف هندسيا ان يكون لديه وسيلة مضادة للدبابات و هي عادة تكون صواريخ تكتيكية صغيرة مداها يمكنها من اصابة الدبابة قبل ان تصل الي المسافة المناسبة لاصابة الاهداف المطلوبة و توّجه بواسطة الرامي و يتم تعديل مسارها بعد الاطلاق في حال مناورة الدبابة المستهدفة... و بالطبع كأي صاروخ يكون بداخله شريحة اليكترونية و هي القائمة باعمال التوجيه للصاروخ اي انها عقل الصاروخ و نظرا لان تلك الشريحة هي التي تقوم بعمل حسابات التوجيه فانه يلزمها وقت لاجراء تلك الحسابات تبدأ من لحظة الاطلاق و مع سرعة الصاروخ فان حاصل ضرب الزمن اللازم للحسابات و سرعة الصاروخ تنتج عنه مسافة يتم تعريفها بالمسافة الميتة للصاروخ او الحد الادني للاطلاق.


و هنا يأتي دور التكامل الهندسي العسكري للاسلحة....بمعني انه اذا نجحت الدبابة الافضل هندسياً في الوصول للمدي الميت للصاروخ فلابد من وجود سلاح يقوم بتغطية تلك المسافة بقوة نيرانية كافية و هنا يأتي دور المقذوفات التي يتم اطلاقها من علي الكتف مثل ار.بي.چي .... و بهذا التكامل بين الاسلحة يمكن للطرف صاحب الدبابة الاضعف ان يؤمّن القدرة النيرانية الكافية لتحقيق الانتصار.... و هنا ايضا يظهر لنا بوضوح دور الامكانيات الهندسية للاسلحة في تحديد الحلول المطروحة امام صانع القرار العسكري و كذلك كيفية تحقيق التكامل بين الاسلحة و ادوارها في المعركة.


و يمكننا تطبيق نفس النظرية في معركة بين طائرتين تتفوق احدهما علي الاخري فتلجأ الاضعف الي صواريخ الدفاع الجوي و نظرا لان لها ارتفاع ميت و مدي ميت فانه يتم استخدام المدفعية المضادة للطائرات كوسيلة دفاع في الارتفاعات القليلة.


و لعل التطور الاكبر في هذا الشأن كان بوصول طائرات الدرون اي الطائرات الصغيرة الموجهة بدون طيار الي ميدان المعارك كالتي تم استخدامها في عملية الهجوم علي معامل تكرير شركة ارامكو السعودية....و كيف ان منظومات باتريوت الامريكية لم تسطع التعامل معها او حتي رصدها....و قد استغلت روسيا هذا الحدث في الترويج لصاروخها الجديد افانجارد القادر علي تغيير ارتفاعه و سرعته حسب تحرك الهدف المعني باصابته مما يمثل طفرة هندسية في مجال تصنيع الصواريخ و تحدي هائل لمصنعي الطائرات.


و هكذا نري دور الهندسة في توجيه صانع القرار العسكري نحو اختيار نوع السلاح و كيفية تحقيق التكامل مع انواع اخري من السلاح...حيث بناءاً علي المامنا بالقدرات الهندسية لكل سلاح يمكننا تحديد دور كل سلاح و اذا ما كان قادرا علي خوض تلك المواجهة من عدمه و ما هي الاسلحة التي يمكن الاعتماد عليها لتجاوز نقطة ضعف السلاح الاساسي.


• التجهيز الهندسي لمسرح العمليات


اذا انتقلنا الي النقطة الثانية في علاقة الهندسة بالحرب فانها ستكون عن اعمال التجهيز الهندسي لمسرح العمليات....و مسرح العمليات هذا ليس هو فقط الجبهة او خطوط القتال بين وحدات المشاة لكن الوحدات العسكرية كلها مسرح عمليات .... و التجهيز الهندسي يمكن تقسيمه الي عنصرين.... الاول و هو الانشاءات و الثاني و هو اعمال الطرق و الكباري .


ان اي وحدة عسكرية لكي تكون لها القدرة علي تنفيذ مهامها في خطط العمليات يجب لها علي الاقل ان تكون لها القدرة في الدفاع عن نفسها و حماية ما بداخلها من ذخائر و معدات و افراد .... و يمكن تضمين كل وسائل الدفاع عن اي وحدة في شقين اساسيين و هما الدفاع الايجابي و الاخر و هو الدفاع السلبي.


الدفاع الايجابي و هو قدرة الوحدة للدفاع عن نفسها بالسلاح .... بمعني انه اذا اخذنا مثلا قاعدة جوية كمثال علي ذلك فيجب ان يتوفر لها مظال جوية لحمايتها من السماء و وحدات صواريخ مضادة للطائرات و عناصر تأمين داخل القاعدة لحمايتها من الاقتحام.


اما الدفاع السلبي فهو قدرة الوحدة علي تحمل الضربات التي تتعرض لها في حال فشل وسائل الدفاع الايجابي في دحر الخطر عنها... و اذا تطرقنا لمثلنا السابق و هو القاعدة الجوية فهو قدرة دشم الطائرات علي تحمل القصف المعادي و تامين ما بداخلها من طائرات و اي معدات اخري و هذا هو العنصر الاول في اعمال التجهيز الهندسي لمسرح العمليات و هو الانشاءات.


ان التطور الهندسي فيما يخص البناء و التشييد كان له ابلغ الاثر علي ظهور فكرة الدفاع السلبي من الاساس .... و لعل المثال الاوضح علي ذلك هو ما شهده علم البناء من تطوير علي يد مهندسي المانيا النازية في حقبة الحرب العالمية الثانية ..... فقد نجحوا في بناء قواعد للغواصات لم تستطع اشد قنابل الحلفاء فتكا ان تلحق اي ضررا بها و كذلك مرابض المدفعية الجبارة علي شواطئ الاطلسي و كذلك مصنع الطائرات الذي تم تشيبده داخل احد الجبال....كل تلك الشواهد و اكثر ما زالت قائمة حتي يومنا هذا تشهد بالتطور الفائق الذي وصل اليه مهندسي المانيا في ذلك الزمان...و كذلك يوضح لنا كم استفادت العسكرية من هذا التطور في الهندسة الانشائية.


و يمكننا ان نري كذلك اهمية تلك المنشات اذا درسنا القصفات الامريكية علي مطار الشعيرات السوري في ابريل 2017 و الذي استطاعت الولايات المتحدة من خلاله تدمير الطائرات السورية داخل دشمها بعدما نجحت تلك الصواريخ في اختراق هذه الدشم  و ايضا يظهر لنا جليا كيف تحملت منشات قاعدة عين الاسد الجوية في العراق الهجوم الصاروخي الايراني في يناير 2020 و كيف حمت تلك الدشم و المنشات الافراد و المعدات و الذخيرة الامريكية الموجودة بها. 


اذا انتقلنا الي مسرح عمليات اخر...و هو خطوط قتال وحدات المشاة....فيمكننا ان نلمس جدية تأثير التطورات الهندسية علي الفكر العسكري.... فبعد الكتل الخرسانية الضخمة في خط دفاع الاطلسي علي الجبهة الغربية في الحرب العالمية الثانية مضافا اليه اشراك دفاعية خصوصا علي ساحل نورماندي مثل حقول الالغام و البوابات البلجيكية و الحواجز القنفذية....نجد تطوراً حادا علي جبهة قناة السويس خلال حرب السنوات الستة من ١٩٦٧ حتي ١٩٧٣ بين مصر و اسرائيل .... فنجد اسرائيل تقيم خط دفاعي اسمته خط بارليف اعتمد تحصين نقاطه السلبي علي استخدام كتل الحجارة الضخمة و قضبان السكك الحديدية و هو ما جعلها اقوي هندسيا بكثير من مثيلاتها في خط الاطلسي و ما زال موجوداً  بعضاً منها بسيناء شاهداً علي تطور فكر الهندسة العسكرية بعد الحرب العالمية الثانية .... كما تم استخدام الالغام و الاسلاك الشائكة و مصاطب الدبابات كعوائق للعبور و جعلوا كل ذلك موضوعاً علي ساتر ترابي بارتفاع ٢٠ متراً و بميل حاد حتي يجعل عملية اجتيازه مستحيلاً علي المصريين اذا عبروا القناة سواء بالمركبات او بالقوارب .... و لكن لأن الهندسة لا تُهزم الا بالهندسة فقد نجح المهندس المصري في اجتياز تلك العقبة من خلال تجريف هذا الساتر باستخدام الضغط العالي للمياه و هو ما وضع نهاية لعصر الخطوط الدفاعية في الفكر العسكري الي الابد.
العنصر الثاني من عناصر التجهيز الهندسي لمسرح العمليات و هو الطرق و الكباري .... و الطرق و الكباري هي خطوط المواصلات الرئيسية لأي قوات مشاركة في عمليات عسكرية .... و الطرق و الكباري في مسرح العمليات بعضها يكون موجودا بالفعل و بعضها يتم انشائه اثناء عمليات القتال .... و الطرق حيوية جدا لحركة القوات خصوصا ما يتحرك منها علي عجلات و ليس علي جنزير -كما هو الحال في الدبابات- اما الكباري فهي حيوية في اعمال اقتحام المسطحات المائية محدودة الاتساع كالقنوات و الانهار و المجاري المائية ، و عادة تحاول اي قوة تدمير اي كوبري قد يستفيد منه العدو في اي تحرك له و كذلك تحاول اي قوة الاستيلاء علي الطرق الهامة بغرض قطع خطوط مواصلات الخصم او علي الاقل وضع وحدات قوات خاصة لغلق تلك الطرق .... فمثلا اذا نظرنا الي حرب اكتوبر ١٩٧٣ نجد ان المصريين قد قاموا باعمال تطوير الهجوم في ١٤ اكتوبر بهدف السيطرة علي طريق عرضي ٣ الرابط بين شمال سيناء و جنوبها حتي يقطعوا اخر خط مواصلات عرضي تستخدمه القوات الاسرائيلية و نجد كذلك محاولات اسرائيلية حثيثة لتدمير الجسور التي انشأتها القوات المصرية لعبور القناة و قد بادلهم المصريين نفس التصرف حين اقام الاسرائليين جسر العبور الخاص بالثغرة و كذلك حاول الاسرائليين محاولات مستميتة للاستيلاء علي نقطة كبريت و هي نقطة حصينة تشرف علي مضيق مائي يربط بين البحيرة المرة الكبري و الصغري بهدف اقامة جسر من الشرق للغرب خارج مدي المدفعية المصرية ليكون شريان لقواتهم في غرب القناة اثناء الثغرة.


و اذا انتقلنا الي معارك حديثة....سنجد كفاح رجال الجيش السوري للسيطرة علي ادلب و خصوصا المنطقة من معرة النعمان و حتي سراقب حتي يستعيدوا السيطرة علي تقاطع الطريقين الرئيسيين في سوريا و هما طريق دمشق – حلب و طريق حلب – اللاذقية و المعروفين ب M5 و M4 علي التوالي.


ان الاعداد الهندسي لمسرح العمليات امر بالغ الخطورة و التعقيد و يعد من مقومات نجاح العملية العسكرية سواء كانت عملية عسكرية هجومية او ان الوحدات تتخذ مواقع و اوضاع دفاعية او في انتظار هجوم مضاد....فاي قوة حين تقوم بهجوم ما لابد لها ان تؤمن لنفسها اكثر من خط مواصلات (طرق او كباري) بحيث يضمن لها ذلك استمرار عمليات الامداد و عليه فانه يجب علي القوات ان تنشئ لنفسها طرقا و مدقات تبادلية و ان تستفيد من الطرق و المحاور المقامة من الاساس...و لعل احد اهم العوامل في نجاح عملية العبور المصرية في معارك اكتوبر ١٩٧٣ هو اقامتها لعدد كبير من الجسور بواقع جسرين لكل فرقة مشاة عبرت القناة و في المقابل نجد ان احد اهم عوامل فشل ثغرة الدفرسوار الاسرائيلية اثناء نفس الحرب هو اعتمادها علي معبر واحد فقط من خلال الكوبري المقام في الدفرسوار و قد حاولوا الاستيلاء علي نقطة كبريت خصيصا من اجل هذا الغرض و هو اقامة جسر اخر لهم عبر القناة و هو ما ذكرناه مسبقا...و يمكننا ان نري هنا ان نجاح العملية العسكرية سواء المصرية او الاسرائيلية كان مرهونا بنجاح مهندسيها في اقامة خطوط المواصلات.


و اذا كان الامر هكذا فيما يتعلق بالطرق و الكباري فهو ايضا بالغ الخطورة فيما يتعلق بالانشاءات العسكرية المقامة....فلنجاح وحدة ما في تنفيذ هجوم فان عليها ايضا ان تنجح في صد الهجوم المضاد و هو امر متوقع في اي خطة عمليات عسكرية و عليه فان نجاح الوحدة في صد هذا الهجوم يعتمد في الاساس علي تسليحها و هو ما ذكرنا في الجزء السابق و المتعلق باعمال تطوير الاسلحة و يعتمد في المقام الثاني علي حسن تحصين منشآت هذه الوحدات....فحين تقوم طائرات بتنفيذ عملية اغارة فانها تعود الي قواعدها و ذلك لاعمال الصيانة و الشحن بالوقود و الذخائر و في تلك الاثناء تكون غير قادرة علي دفع اي اعتداء و بفرض فشل الوحدات المكلفة بتامين ذلك المطار من اداء مهمتها يصبح خط الدفاع الاخير هو حسن بناء دشم الطائرات و الذي يعتمد في الاساس علي حسن توقع الذخائر المستخدمة في الاستهداف و علي ان تكون اعمال انشاء تلك الدشم قد تجاوزت في اختباراتها الحدود القصوي لتلك الذخائر....و هو امر بالغ التعقيد نظرا للتطور الكبير الحادث في مجالات التسليح و صناعة الذخيرة.


الهندسة و السياسة


"الحرب هي امتداد للسياسة بوسائل اخري" كارل فون كلاوزفيتز....هكذا قالها مما يزيد عن ١٥٠ عاما مضت...و علي ذلك فانه لا يمكن فصل التطورات الهندسية عن التطورات السياسية....فعادة الاسباب الاقتصادية هي السبب الرئيسي لنشوب الصراع السياسي بين الدول و تلك الاسباب الاقتصادية مرتبطة بالقدرات الهندسية لتلك الدول علي استغلال ثرواتها .... فمثلا نجد دولة مثل تركيا تسعي لزيادة نفوذها في ليبيا و سوريا بسبب ما تملكه تركيا من قدرات علي استخراج الغاز و البترول و كلاهما متوفرين بكثرة في الدولتين محل الصراع.


كذلك رأينا الاتحاد السوفييتي سابقا يسعي لزيادة نفوذه في دول شرق اوروبا -بصرف النظر عن وضع حد للمد الامريكي في القارة العجوز- و خصوصا في تشيكوسلوفاكيا بهدف السيطرة علي مناجم اليورانيوم حتي يتوسع في انتاج الطاقة النووية  و السلاح النووي حتي يستطيع ايقاف الولايات المتحدة عند حدها و ارهابها اذا لزم الامر....و ذلك حدث فقط بعدما امتلك السوفييت القدرة الهندسية علي تصنيع القنبلة النووية.
نجد ايضا الوريث الشرعي للاتحاد السوفييتي جمهورية روسيا الاتحادية تسير علي نفس النهج ....فنجد انها بما تملكه من امكانات هندسية عملاقة اقامت خط انابيب غاز في قاع البحر الاسود وصولا الي المانيا حتي تتجاوز اوكرانيا و التي تسعي للضغط عليها لتمرير الغاز الي اوروبا من خلال اراضيها ...و بهذا ستضع حدا لتجاوزات اوكرانيا معها و ستُبقي اوروبا في احتياج لغازها الرخيص....بل و تسعي الان الي اقامة خط توأم للخط السابق...كما اقامت خط اخر لينقل غازها الي الاراضي التركية و الذي سيمتد فيما بعد الي جنوب القارة.


مثال اخر .... نجد ان الولايات المتحدة بعدما تمكنت من استخراج الغاز الطبيعي و البترول الصخرييين Shale Oil & Shale Gas من اراضيها بتكلفة ارخص نسبيا و يضمن لها هامش ربح جيد اذا سعت لتصديره...فنجدها غير حريصة علي استرضاء دول الخليج بل و تركت السعودية فريسة للهجمات الايرانية كما حدث في الهجوم علي معامل تكرير ارامكو و بالرغم انه لم تثبت التهمة علي ايران لكن لا يوجد مستفيد غيرها و مع ذلك لم تسع امريكا الي تأديب اعداء السعودية حيث انها اصبحت لا تحتاج نفطها او غازها.


لعل الصراع القادم يكون علي ثروات القطب الشمالي .... حيث انه غني بعناصر الارض النادرة و هي ١٧ عنصر تدخل في تصنيع محركات الطائرات و الصناعات الفضائية و غالبية المنتجات الاليكترونية من هواتف و حواسب و غيرها من المنتجات....و هذا بسبب ان الاحتباس الحراري ادي الي بدء ذوبان الجليد مما سيجعل في القريب العاجل امكانية التنقيب عن ثروات القطب الشمالي ممكنة من الناحية الهندسية.


ان امتلاك الدول لاليات الانتاج المتطور للصناعات الاستراتيجية هو امر حيوي و يقع في يد مهندسيها و علمائها و هو امر يجعل لها السبق في كل مجال علمي جديد و هذا السبق يجعل الدولة تسعي لفرض سيطرتها علي الدول التي تمتلك الموارد الطبيعية اللازمة لهذا الانتاج و ربما ايضا علي الشركات المنافسة لشركاتها التي تعمل في نفس المجال....و علي هذا الاساس يمكننا تفسير كثير من التصرفات التي اوردناها سابقا لبعض الدول و لعل ابرزها هو تصرفات الولايات المتحدة بعدما نجحت شركاتها في استخراج البترول و الغاز الصخريين بتكلفة مناسبة للمستوي الاقتصادي....فنجدها تتخلي عن اصدقائها في الخليج بل و توقع عقوبات علي الشركات التي تعمل في مد خطوط الغاز الروسي الي دول اوروبا.