أخبار: الولايات المتحدة تُسرّع إنتاج كاسحات الجليد القطبية لتأكيد هيمنتها على القطب الشمالي

أعلن خفر السواحل الأمريكي في الأول من مايو 2025، عن تطور محوري: وافقت وزارة الأمن الداخلي على الإنتاج الكامل لأول كاسحة جليد قطبية (PSC)، مما يُمثل خطوةً هامةً في تعزيز الوجود الأمريكي في القطب الشمالي. يُؤكد هذا الإنجاز، المُفصّل في بيان صحفي صادر عن أخبار خفر السواحل الأمريكي، التزامَ البلاد بتعزيز قدراتها في المناطق القطبية ذات الأهمية الاستراتيجية المتزايدة.

يهدف برنامج كاسحات الجليد القطبية (PSC)، الذي بدأ في ميزانية السنة المالية 2013، إلى استبدال أسطول كاسحات الجليد القديم بسفن حديثة قادرة على العمل في بيئة القطب الشمالي القاسية. تُمكّن الموافقة على الإنتاج الكامل مكتب البرنامج المتكامل لخفر السواحل والبحرية الأمريكية من الحفاظ على زخم الإنتاج، وتُمكّن شركة بناء السفن من تسريع التوظيف لتوفير هذه الأصول الحيوية في أسرع وقت ممكن لدعم مبادرات الأمن القومي.

يأتي هذا التطور في وقتٍ تكتسب فيه منطقة القطب الشمالي أهميةً جيوسياسيةً غير مسبوقة. فمع فتح تغير المناخ طرقًا بحريةً جديدةً وإمكانية الوصول إلى موارد طبيعية غير مستغلة، تتنافس الدول على النفوذ في المنطقة. تُدرك الولايات المتحدة ضرورة وجود أسطول قوي لكسر الجليد لضمان حرية الملاحة، ودعم البحث العلمي، والحفاظ على السيادة في القطب الشمالي.

تُعدّ كاسحة الجليد القطبية الثقيلة (PSC) أول كاسحة جليد قطبية ثقيلة تُبنى في الولايات المتحدة منذ ما يقرب من خمسة عقود. خفر السواحل هو الوكالة الفيدرالية الوحيدة المسؤولة عن كسر الجليد. وعليه، يجب على الخدمة استبدال أسطولها من كاسحات الجليد وتحديثه وتوسيعه لضمان وصول الولايات المتحدة وسيادتها في المناطق القطبية. يلتزم خفر السواحل الأمريكي بالعمل مع الإدارة والكونغرس لتنفيذ توجيهات الرئيس بشأن اقتناء كاسحات الجليد.

تاريخيًا، كانت كاسحات الجليد جزءًا لا يتجزأ من العمليات القطبية، حيث سهّلت الاستكشاف العلمي والشحن التجاري والدفاع الوطني. لا يُشغّل خفر السواحل الأمريكي حاليًا سوى كاسحتي جليد قطبيتين: "بولار ستار" التابعة لخفر السواحل الأمريكي، والتي دخلت الخدمة عام ١٩٧٦، و"هيلي" التابعة لخفر السواحل الأمريكي، وهي كاسحة جليد متوسطة الحجم دخلت الخدمة عام ٢٠٠٠.

كلتا السفينتين متقادمتان، وتقلّصان بشكل متزايد من كفاءتهما لتلبية متطلبات العمليات الحديثة في القطب الشمالي. كما اشترى خفر السواحل الأمريكي مؤخرًا كاسحة الجليد "إيفيك"، وهي كاسحة جليد بطول ٣٦٠ قدمًا، تُعادل الفئة القطبية الثالثة، مما يُمثّل أول إضافة لأسطوله من كاسحات الجليد منذ أكثر من ٢٥ عامًا. وتُشير الموافقة على الإنتاج الكامل لكاسحة الجليد القطبية إلى تحديث طال انتظاره لأسطول كاسحات الجليد الأمريكي.

في السياق الجيوسياسي الحالي، لا تُعدّ كاسحات الجليد مجرد أدوات للملاحة، بل أصولًا استراتيجية. فهي تُمكّن البحرية الأمريكية من إجراء عمليات في القطب الشمالي، مما يضمن وجودًا مستمرًا في منطقة تُوسّع فيها القوى الأخرى نفوذها. وتتجلى أهمية القطب الشمالي في موارده الطبيعية الهائلة وممراته البحرية الناشئة، مما يجعله نقطة محورية للمنافسة الجيوسياسية.

تسعى الولايات المتحدة إلى اللحاق بركب دول أخرى مثل روسيا وكندا، اللتين تعملان بنشاط على بناء كاسحات الجليد الخاصة بهما. تشغّل روسيا أسطولاً يضم أكثر من 40 كاسحة جليد، بما في ذلك عدة سفن تعمل بالطاقة النووية قادرة على اختراق جليد يصل سمكه إلى ثلاثة أمتار. كما تستثمر كندا في قدراتها على كسر الجليد، مع خطط لبناء كاسحات جليد جديدة من الفئة القطبية لتعزيز وجودها في القطب الشمالي. في المقابل، تأخرت الولايات المتحدة في إنتاج كاسحات الجليد، مما يجعل برنامج كاسحات الجليد القطبية خطوة حاسمة في سد هذه الفجوة في القدرات.

صُممت كاسحات الجليد القطبية لتكون أكبر كاسحات الجليد وأكثرها تقدماً من الناحية التكنولوجية التي كلف بها خفر السواحل الأمريكي على الإطلاق. يبلغ طول هذه السفن 460 قدماً وإزاحتها 22,900 طن، وستكون مجهزة بأحدث أنظمة الملاحة والاتصالات، بالإضافة إلى القدرة على دعم مجموعة من المهام من البحث العلمي إلى العمليات الدفاعية. ومن المتوقع اكتمال بناء أول كاسحة جليد قطبية، والتي تحمل اسم "بولار سنتينل"، بحلول عام 2030.

تُمثّل الموافقة على الإنتاج الكامل لسفينة بولار سيكيوريتي كتر تقدمًا ملحوظًا في جهود الولايات المتحدة لإعادة ترسيخ حضورها في القطب الشمالي. مع تصاعد التوترات الجيوسياسية وتوسيع دول أخرى لقدراتها في المنطقة، تُدرك الولايات المتحدة ضرورة تحديث أسطولها من كاسحات الجليد وتعزيزه. لا يقتصر برنامج التعاون العسكري المشترك على بناء السفن فحسب، بل يشمل أيضًا ضمان الأمن القومي، وحماية المصالح الاقتصادية، والحفاظ على موطئ قدم استراتيجي في القطب الشمالي. ومع تزايد أهمية القطب الشمالي، تتخذ الولايات المتحدة خطوات حاسمة لضمان عدم تخلفها عن الركب في هذا المجال الحيوي.