أخبار: القيود الصينية على الأنتيمون: تحد استراتيجي جديد لصناعات الدفاع الغربية

في الخامس عشر من سبتمبر 2024، ستنفذ الصين قيوداً جديدة على صادرات الأنتيمون، وهو معدن أساسي لتصنيع كل من التقنيات الدفاعية والمدنية. ويمثل هذا القرار نقطة تحول في المعركة العالمية للسيطرة على المعادن الحيوية، وهي المواجهة التي تتجذر بعمق في التنافس التكنولوجي المتزايد بين الصين والولايات المتحدة. ورغم أن الأنتيمون غير معروف نسبياً للجمهور، فإنه يلعب دوراً حاسماً في إنتاج مختلف المعدات العسكرية، مما يؤكد بشكل أكبر على تأثير هذه التدابير الجديدة، وخاصة على الأمن القومي الأمريكي.

الأنتيمون هو معدن لامع فضي اللون نادر في طبيعته ولكنه بالغ الأهمية لصناعة الدفاع. وهو يستخدم في تصنيع الذخيرة الخارقة للدروع، والصواريخ بالأشعة تحت الحمراء، والأسلحة النووية، ونظارات الرؤية الليلية، وفي التقنيات المدنية مثل البطاريات والألواح الشمسية. والصين، التي تمتلك 32% من احتياطيات الأنتيمون العالمية وتنتج 48% من إمدادات العالم، تهيمن منذ فترة طويلة على صناعة الأنتيمون العالمية. من خلال تقييد صادراتها، تعزز بكين سيطرتها على سوق عالمية متوترة بالفعل.

تتطلب القواعد الجديدة تراخيص لتصدير ستة منتجات مرتبطة بالأنتيمون، بما في ذلك خام الأنتيمون، ومعادن الأنتيمون، وأكسيد الأنتيمون. بالإضافة إلى ذلك، تخضع تقنيات صهر وفصل الذهب والأنتيمون الآن لحظر التصدير ما لم يتم التصريح بها من قبل الحكومة الصينية. في حين أن هذه التدابير لا تستهدف رسميًا أي دولة معينة، فإن تأثيرها على الولايات المتحدة، التي تعتمد بشكل كبير على واردات الأنتيمون الصينية، سيكون كبيرًا. في عام 2023، جاءت 63٪ من واردات الأنتيمون الأمريكية من الصين، مما يجعل الدفاع الأمريكي عرضة لهذه الاضطرابات.

إن التطبيقات العسكرية للأنتيمون واسعة النطاق. إنه أمر بالغ الأهمية لإنتاج مواد مثبطة للهب، مما يجعله لا غنى عنه لحماية المعدات العسكرية والمركبات المدرعة. بالإضافة إلى ذلك، تجعله خصائصه مكونًا رئيسيًا في أشباه الموصلات المستخدمة في أنظمة الكشف بالأشعة تحت الحمراء والرادار وتقنيات المراقبة. في الدفاع، يعد الأنتيمون أمرًا بالغ الأهمية لضمان أداء ومتانة الأنظمة العسكرية.

ولكن ليس الولايات المتحدة وحدها هي التي تواجه هذا الاعتماد على الإثمد. فالقوى الكبرى الأخرى، بما في ذلك أوروبا وأستراليا، تشعر أيضا بتأثيرات هذه القيود. فأستراليا، على الرغم من امتلاكها لاحتياطيات كبيرة، تصدر نحو 86% من الإثمد إلى الصين للمعالجة. وعلى هذا، فبينما قد تسد أستراليا جزئيا الفجوة التي خلفتها القيود الصينية، فإن قدرتها على معالجة هذه الموارد بشكل مستقل تظل محدودة.

وتتناسب استراتيجية الصين مع إطار أوسع لحماية الموارد الحيوية. كما تعكس التوترات المتزايدة بشأن السيطرة على التكنولوجيات المتقدمة، وخاصة في صناعة أشباه الموصلات. فقد فرضت الصين في السابق قيودا مماثلة على المواد الاستراتيجية مثل الجاليوم والجرمانيوم، وكلاهما ضروري لإنتاج أشباه الموصلات المتقدمة. ويعكس هذا الاستخدام للمعادن الحيوية كرافعة جيوسياسية القيود التي فرضتها بكين في عام 2010 على صادرات المعادن النادرة إلى اليابان، والتي تسببت في ذلك الوقت في اضطرابات كبيرة في سلاسل التوريد العالمية.

وتعمل هذه القيود كتحذير واضح للولايات المتحدة وحلفائها. ويستمر التنافس التكنولوجي بين القوتين في التكثيف، وأصبحت السيطرة على الموارد الحيوية قضية مركزية في هذه المعركة. وتشكل أشباه الموصلات، التي تستخدم في العديد من تقنيات الدفاع، جوهر هذا الصراع. ففي محاولة لتعزيز قدراتها التكنولوجية ردا على العقوبات الأميركية، تستغل الصين الإثمد كأداة ضغط جديدة. وهذا يسمح للصين بحماية تطورها التكنولوجي في حين يعقد الجهود الأميركية للحفاظ على التفوق العسكري.

وتجد صناعة الدفاع الأمريكية نفسها في موقف حرج. وتدرك وزارة الدفاع الأهمية الاستراتيجية للإثمد، لكن المخزونات الحالية محدودة. وبحلول نهاية عام 2022، بلغت هذه المخزونات 90 طنا فقط، في حين بلغ الاستهلاك السنوي للولايات المتحدة 22 ألف طن. وهذا الاعتماد المتزايد على الصين يضع الولايات المتحدة في موقف ضعيف. ورغم الجهود المبذولة لتنويع مصادر التوريد، مثل مشروع منجم ستيبنايت في ولاية أيداهو، والذي تدعمه وزارة الدفاع الأميركية، فمن غير المتوقع أن يبدأ الإنتاج قبل عام 2028. وحتى ذلك الحين، سوف تحتاج الولايات المتحدة إلى إيجاد حلول لتجنب الاضطرابات المحتملة في سلسلة توريد الأنتيمون.

إن الارتباط بين هذه القيود المفروضة على الأنتيمون والتوترات المحيطة بأشباه الموصلات لا يمكن إنكاره. فقد أصبحت أشباه الموصلات، التي تشكل عنصراً أساسياً في العديد من تقنيات الدفاع، قضية جيوسياسية كبرى. وتقع تايوان، أكبر منتج لأشباه الموصلات في العالم، في قلب هذا الصراع التكنولوجي. وتشكل السيطرة على سلاسل توريد أشباه الموصلات، التي تعتمد على مواد بالغة الأهمية مثل الأنتيمون، عنصراً رئيسياً في استراتيجيات الدفاع لكل من الولايات المتحدة والصين. والواقع أن الموقف المهيمن للصين في سوق المعادن الحرجة يمنحها ميزة كبيرة في هذه المعركة من أجل السيطرة على التكنولوجيات المتقدمة.

ومع تصاعد التوترات بين القوتين، يصبح السؤال حول كيفية تغلب الولايات المتحدة وحلفائها على هذه التحديات أمراً بالغ الأهمية. إن تنويع مصادر التوريد، وتطوير تقنيات إعادة التدوير لتعظيم استخدام الموارد القائمة، والاستثمار في قدرات المعالجة المحلية، كلها حلول محتملة للحد من الاعتماد على الصين. ومع ذلك، فإن هذه الجهود سوف تستغرق وقتاً، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على حماية نفسها بشكل كاف من هذه القيود في المستقبل القريب.

إن الوضع الحالي يوضح اتجاها مثيرا للقلق: الاستخدام المتزايد لقومية الموارد والقيود التجارية كأسلحة جيوسياسية. لقد أظهرت الصين استعدادها لاستخدام هيمنتها على المعادن الحيوية لتعزيز موقفها على الساحة العالمية، في حين تحاول الولايات المتحدة بشكل يائس الحد من اعتمادها. وفي عالم حيث أصبح التعاون الدولي نادرا بشكل متزايد، أصبح التحكم في الموارد الحيوية أولوية قصوى للقوى الكبرى.

في الأمد البعيد، قد تخلف هذه القيود عواقب وخيمة. وسوف تحتاج الدول التي تعتمد على الموارد الصينية إلى إعادة النظر في استراتيجيات التوريد الخاصة بها. وسوف يكون التعاون الدولي لتطوير بدائل لهذه المواد أو توسيع قدرات الإنتاج المحلية أمرا ضروريا. ومع ذلك، في غياب التحول في العلاقات التجارية والدبلوماسية بين القوى الكبرى، قد يشهد العالم تفتتا متزايدا لسلاسل التوريد، مع عواقب عميقة على كل من الأمن والابتكار التكنولوجي.