ظهرت الطائرة الباكستانية JF-17 Block III بشكل نادر وملفت في معرض RIAT 2025، الذي أقيم في قاعدة فيرفورد الجوية البريطانية في غلوسترشاير، المملكة المتحدة، مسجلةً بذلك أول عرض ثابت لها في أوروبا، ومؤكدةً على تزايد جاذبيتها للتصدير. نشر السرب الثامن التابع لسلاح الجو الباكستاني طائرتين مقاتلتين من طراز JF-17C Block III في المعرض، مدعومتين لوجستيًا بطائرة IL-78 للتزويد بالوقود جوًا وطائرة C-130E Hercules، مما عزز القدرة التشغيلية الدولية لسلاح الجو الباكستاني، وأشار إلى خطوة مدروسة لتقديم الطائرة إلى جمهور الدفاع الغربي والدولي.
طائرة JF-17C Block III، المعروفة أيضًا باسم JF-17 Thunder Block III، هي النسخة الأكثر تطورًا من المقاتلة خفيفة الوزن متعددة المهام، التي طورها مجمع الطيران الباكستاني (PAC) بالتعاون مع شركة تشنغدو الصينية للطائرات. تُعد نسخة Block III خطوةً كبيرةً للأمام مقارنةً بنسختي Block I وII السابقتين، حيث لا تُعتبر JF-17 مقاتلةً اقتصاديةً فحسب، بل منصةً قتاليةً تنافسيةً بحق من الجيل الرابع والنصف. يعكس التصنيف "C" تخصيصًا مُركزًا على التصدير، وتكاملًا للأنظمة المعيارية، وترقياتٍ في إلكترونيات الطيران، مما يجعلها أقرب في قدراتها إلى المقاتلات الحديثة مثل F-16V أو حتى J-10C الصينية.
من أبرز التحسينات تضمين رادار KLJ-7A الصيني ذي المصفوفة الإلكترونية النشطة الممسوحة ضوئيًا (AESA)، وهو أول رادار يُضاف إلى أي مقاتلة باكستانية. يُحسّن نظام AESA هذا بشكل كبير تتبع الأهداف، ومقاومة التشويش، والقدرة على الاشتباك المتزامن، مما يسمح للطيارين باكتشاف وتتبع أهداف متعددة بدقة وموثوقية أكبر. تتميز قمرة القيادة بشاشة عرض واسعة النطاق مزودة بضوابط رقمية كاملة تعمل بالتحكم السلكي، وشاشة عرض ومنظار جديدين مثبتين على الخوذة (HMD/S)، ومجموعة متطورة من أنظمة الحرب الإلكترونية تُعزز القدرة على البقاء في المجال الجوي المتنازع عليه. تعمل الطائرة بمحرك RD-93MA، مما يوفر قوة دفع ومتانة أكبر.
يُعد دمج الأسلحة أيضًا جزءًا أساسيًا من حزمة قدرات JF-17C Block III. عرضت الطائرة المعروضة في معرض RIAT 2025 صواريخ جو-جو صينية قصيرة المدى تعمل بالأشعة تحت الحمراء من طراز PL-10 مثبتة على أطراف أجنحتها، مع إمكانية الاستهداف عاليًا خارج خط التصويب من خلال HMD/S. كما تم تجهيزها بصواريخ PL-15E طويلة المدى خارج مدى الرؤية (BVR)، وهي عنصر أساسي في عقيدة القتال الجوي الصينية من الجيل التالي. على الرغم من أن PL-15E هو الإصدار المُخصص للتصدير ذو المدى المُخفض، إلا أنه لا يزال يُوفر لطائرة JF-17C مدىً واسعًا في مجال أنظمة التسجيل البصري (BVR)، مُنافسًا أو مُتفوقًا على أنظمة التسجيل البصري (BVR) الغربية القديمة.
ومن الجدير بالذكر أيضًا قدرة رادار AESA على الكشف وتتبع الأهداف المتعددة، مما يدعم دقة الاشتباك مع الذخائر جو-جو وجو-أرض، حتى في بيئات الحرب الإلكترونية المُتنازع عليها. كما تتضمن مجموعة إلكترونيات الطيران في طائرة Block III إجراءات مضادة إلكترونية، ووصلة بيانات، ومستشعر IRST، مما يُعزز بشكل مُجتمع الوعي الظرفي والقدرة على البقاء.
على صعيد التصدير، تُحقق طائرة JF-17 Block III بالفعل زخمًا كبيرًا. فقد وقّعت أذربيجان صفقة تاريخية بقيمة 4.6 مليار دولار لشراء 40 طائرة، وهو أكبر عقد تصدير معروف لقطاع الطيران الباكستاني. كما حصلت دول أخرى مثل ميانمار ونيجيريا وغانا على نسخ سابقة، ويُلاحظ اهتمام متزايد من عدة مناطق، بما في ذلك أفريقيا وأمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا. بالنسبة لهذه الدول، تُقدم طائرة JF-17 بديلاً عمليًا ومرنًا سياسيًا للمنصات الغربية باهظة الثمن، لا سيما في ظل ارتفاع تكاليف المشتريات العالمية وتغير التموضعات الجيوسياسية.
على مدار العقد الماضي، شهدت صناعة الطيران الدفاعية الباكستانية تحولًا كبيرًا، حيث تطورت من قدرة محدودة على الصيانة والتجميع إلى نظام بيئي ناضج شبه مستقل يتمتع بالقدرة على تصميم وتطوير وتصدير منصات عسكرية متقدمة. وقد شكّل برنامج JF-17 Thunder، الذي قاده مجمع باكستان للطيران (PAC) بالتعاون مع شركة AVIC الصينية وشركة Chengdu Aircraft Corporation، حجر الزاوية في هذا التطور. ولم يُمكّن البرنامج باكستان من تقليل اعتمادها تدريجيًا على الموردين الغربيين فحسب، بل ساهم أيضًا في تنشئة جيل جديد من مهندسي الطيران والفضاء والفنيين واستراتيجيي الدفاع الذين يُشكلون الاستراتيجية العسكرية الصناعية طويلة المدى للبلاد. توسّعت الجهود المحلية لتشمل تطوير إلكترونيات الطيران، وأجهزة الحاسوب للمهام، وأنظمة ربط البيانات، ومكونات الطائرات، مما جعل مركز كامرا للطيران مركزًا رائدًا في مجال التصميم والتنفيذ. يُبرز نجاح طائرة JF-17 Block III، لا سيما في الحوارات المتعلقة بالتصدير، طموح باكستان المتنامي في أن تُعترف بها كلاعب موثوق في سوق الطيران الدفاعي العالمي. يعكس هذا التطور هدفًا وطنيًا أوسع نطاقًا: تحقيق استقلالية استراتيجية أكبر، مع تحويل الفضاء الجوي العسكري إلى مصدر فعال للتأثير الاقتصادي والدبلوماسي.
يُعد قرار القوات الجوية الباكستانية بعرض طائرة Block III في معرض RIAT 2025 قرارًا استراتيجيًا. بفضل التكامل التكنولوجي القوي بين الصين وباكستان، تعمل الطائرة كمنصة إعلانية متنقلة للمشترين المحتملين، مما يوفر بديلاً حديثًا ومنخفض التكلفة للمقاتلات الغربية. إن ظهورها في أكبر معرض جوي في أوروبا يزيد من نطاق وصولها ويؤكد طموح إسلام آباد لاختراق الأسواق التي يهيمن عليها تقليديًا موردو الناتو. من خلال عرض JF-17 Block III إلى جانب المنصات الغربية المتطورة، تُظهر باكستان ثقتها في قدراتها الجوية المحلية وترسل رسالة واضحة: لم تعد JF-17 مقاتلة اقتصادية متخصصة، بل منصة مشروعة وقادرة جاهزة للمنافسة العالمية. يمكن أن يكون هذا الظهور الأول المدروس بمثابة نقطة انطلاق لعقود مستقبلية، لا سيما مع الدول التي تبحث عن حل متعدد الأدوار يوفر أجهزة استشعار وأسلحة متطورة بتكلفة ضئيلة مقارنة بالمقاتلات الأمريكية أو الأوروبية.