أخبار: كيف يحمي حلف شمال الأطلسي "ناتو" أوروبا الشرقية بأنظمة الدفاع الجوي والمدفعية المتقدمة

في مواجهة عدم الاستقرار الإقليمي المتزايد والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة في أوروبا الشرقية، يكثف حلف شمال الأطلسي جهوده لتعزيز دفاع أعضائه على طول الجناح الشرقي للتحالف. ويشمل ذلك نشر أنظمة أسلحة متقدمة مثل صواريخ باتريوت وأنظمة HIMARS وغيرها من التقنيات المتطورة في بولندا ورومانيا ودول البلطيق، مما يشكل جزءًا أساسيًا من استراتيجية تهدف إلى ردع أي شكل من أشكال العدوان.

إن تعزيز الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي مدفوع في المقام الأول بالتهديدات التي تشكلها روسيا. فقد أدى ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014 وغزو أوكرانيا في عام 2022 إلى زعزعة استقرار الأمن الإقليمي بشكل عميق، مما يدل على استعداد روسيا لإعادة تشكيل الحدود الأوروبية بالقوة. وقد أثارت هذه الإجراءات مخاوف كبيرة بين دول البلطيق وبولندا ورومانيا، التي تشترك في حدود أو مناطق استراتيجية مع روسيا. وتنبع المخاوف الإضافية من التدريبات العسكرية واسعة النطاق التي تجريها روسيا بالقرب من حدود حلف شمال الأطلسي، ونشر صواريخ قصيرة المدى مثل إسكندر في كالينينغراد، واستخدام تكتيكات هجينة مثل الهجمات الإلكترونية والتضليل. وقد أدت هذه التهديدات مجتمعة إلى زيادة إدراك المخاطر المباشرة التي تهدد سلامة أراضي أعضاء حلف شمال الأطلسي، مما دفع إلى استجابة جماعية واستباقية.

ردًا على ذلك، نفذ حلف شمال الأطلسي استراتيجية تقوم على الردع والدفاع المعززين. وهذا ينطوي على نشر وحدات مجهزة بأنظمة أسلحة متقدمة في مواقع استراتيجية، بهدف طمأنة الدول الأعضاء مع إرسال إشارة واضحة إلى الخصوم المحتملين.

من بين الأنظمة المنشورة، يلعب نظام صواريخ باتريوت أرض-جو دورًا رئيسيًا. هذه الأنظمة المتمركزة في بولندا ورومانيا قادرة على اعتراض الصواريخ الباليستية والطائرات، وتشكل حجر الزاوية لقدرات الدفاع الجوي لحلف شمال الأطلسي. في رومانيا، تستضيف قاعدة ديفيسيلو الجوية أيضًا عناصر من نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي إيجيس آشور، والذي يستخدم صواريخ SM-3 لاعتراض الصواريخ الباليستية متوسطة المدى، مما يضيف طبقة حاسمة من الحماية الإقليمية.

وقد أدى إدخال أنظمة الصواريخ المدفعية عالية الحركة (HIMARS) إلى تعزيز قدرات المدفعية المتنقلة لحلف شمال الأطلسي بشكل كبير. ويمكن لهذه الأنظمة إطلاق صواريخ M30/M31 GMLRS بمدى يصل إلى 70 كيلومترًا، فضلاً عن الصواريخ الباليستية التكتيكية ATACMS القادرة على ضرب أهداف على بعد يصل إلى 300 كيلومتر. وتسمح حركتها العالية، التي توفرها منصات محمولة على شاحنات، بالنشر السريع، مما يوفر مرونة تكتيكية أكبر.

بالإضافة إلى أنظمة Patriot وHIMARS، نشر حلف شمال الأطلسي معدات استراتيجية رئيسية أخرى. فقد تم نشر دبابات M1 Abrams الأمريكية، المجهزة بدروع مركبة متقدمة ومدافع ملساء عيار 120 ملم، ودبابات Leopard 2 الألمانية، المزودة بأنظمة التحكم في النيران الرقمية وأجهزة الاستشعار الحرارية، في بولندا ودول البلطيق لتعزيز قدرات القتال البري. وتدعم هذه الدبابات مركبات قتال المشاة وأنظمة المدفعية ذاتية الدفع، مثل K9 Thunder الكورية الجنوبية، وهي مدفع هاوتزر عيار 155 ملم يجمع بين المدى الموسع (حتى 40 كيلومترًا) ودقة إطلاق النار العالية.

وفي المجال الجوي، توفر طائرات إف-35 لايتنينج 2 المقاتلة، المزودة بأجهزة استشعار متقدمة لدمج البيانات وقدرات التخفي، التفوق الجوي وقدرات الضربات الدقيقة. وتكملها طائرات إف-16 ويوروفايتر تايفون، التي تضيف تنوعًا وأداءً مثبتًا. تعمل هذه الطائرات من قواعد في رومانيا وبولندا ودول البلطيق، وتنفذ مهام مراقبة جوية وتمارين مشتركة. كما تم ترقية قدرات المراقبة والاستطلاع بطائرات بدون طيار من طراز إم كيو-9 ريبر المتمركزة في رومانيا وبولندا، والتي توفر معلومات استخباراتية في الوقت الفعلي وخيارات الضربات الدقيقة عند تسليحها. بالإضافة إلى ذلك، تعمل الرادارات المتنقلة بعيدة المدى، مثل لانزا إل تي آر-25 في رومانيا، على تعزيز الكشف المبكر عن التهديدات الجوية على مسافة تصل إلى 450 كيلومترًا.

ويدعم هذا التكيف مع المسرح الأوروبي التدريبات العسكرية المنتظمة، مثل ديفندر أوروبا وسيبر سترايك، والتي تختبر قدرة أنظمة مثل هيمارس وباتريوت على الحركة وفعاليتها. كما تُظهِر هذه التدريبات استعداد حلف شمال الأطلسي للدفاع عن كل شبر من أراضي أعضائه، كما نصت المادة الخامسة من معاهدة واشنطن.

وبخلاف هذه الانتشارات، تعمل الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي أيضًا على تحديث قواتها المسلحة الوطنية. فقد وقعت بولندا اتفاقيات رئيسية مع كوريا الجنوبية لشراء دبابات K2 Black Panther ومدافع الهاوتزر K9 Thunder وطائرات مقاتلة FA-50، مما يدل على التزامها بالاستقلال الاستراتيجي مع التوافق مع معايير حلف شمال الأطلسي. وفي الوقت نفسه، استثمرت رومانيا في طائرات F-35 لتحل محل أسطولها القديم من طائرات MiG-21، مما يعزز قدراتها الدفاعية الجوية بما يتماشى مع المتطلبات التكنولوجية لحلف شمال الأطلسي.

إن عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية في عام 2024 قد تؤثر بشكل أكبر على هذه الديناميكية. فخلال فترة ولايته السابقة، مارس ترامب ضغوطا قوية على الحلفاء لتحقيق هدف تخصيص 2% من الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق الدفاعي، وهو الطلب الذي تسبب بالفعل في توترات. وقد تؤدي عودته إلى تكثيف هذه التوقعات، مما قد يؤدي إلى إجهاد تماسك حلف شمال الأطلسي إذا كافح بعض الأعضاء لتلبية هذه المتطلبات. وفي الوقت نفسه، قد يؤدي الحل المحتمل للصراع في أوكرانيا إلى تحويل الأولويات الاستراتيجية الأمريكية. وفي مواجهة النفوذ المتزايد للصين، قد تعيد واشنطن توجيه الموارد نحو منطقة المحيطين الهندي والهادئ، مما يقلل جزئيا من تركيزها على المسرح الأوروبي. وقد يشجع هذا التطور الدول الأوروبية على السعي إلى تحقيق قدر أعظم من الاستقلال الدفاعي من خلال الاستثمار في القدرات خارج إطار التحالف عبر الأطلسي.

وتؤكد هذه الشكوك على أهمية الحفاظ على الحوار الوثيق داخل حلف شمال الأطلسي لتحقيق التوازن بين أولويات الدفاع عبر الأطلسي وأوروبا. وفي حين يظل تعزيز الجناح الشرقي ركيزة من ركائز الأمن الإقليمي، فإن مستقبله سوف يعتمد على قدرة التحالف على التكيف مع التحولات الجيوسياسية مع الحفاظ على التماسك الداخلي.