بدأت إيران تسويقًا نشطًا لطائرتها المسيرة القتالية طويلة المدى الأكثر تطورًا، "شاهد-149 غزة"، في معارض الدفاع الدولية، وفقًا لمعلومات نشرتها وسائل إعلام إيرانية في 29 سبتمبر 2025. تُمثل هذه الخطوة تحولًا استراتيجيًا في سياسة طهران للتصدير العسكري، إذ لا تُعتبر هذه الطائرة المسيرة رادعًا إقليميًا فحسب، بل منافسًا محتملًا في سوق الطائرات المسيرة العالمية.
كان العرض الأخير لطائرة "غزة" المسيرة خلال مناورة رفيعة المستوى للحرس الثوري الإسلامي بمثابة إشارة عسكرية وترويج للمبيعات. تُظهر لقطات نشرتها وسائل إعلام دفاعية إيرانية الطائرة المسيرة وهي تُنفذ ضربة دقيقة التوجيه، مما يُبرز قدراتها العملياتية، ويعزز سعي طهران لجذب مشترين أجانب. يأتي ذلك في أعقاب ظهور الطائرة المسيرة مؤخرًا في معارض في آسيا الوسطى وشمال إفريقيا، حيث أفادت التقارير أن مسؤولين إيرانيين أجروا محادثات مع عملاء محتملين من دول ومنظمات غير حكومية يبحثون عن بدائل للطائرات المسيرة الغربية والصينية.
طائرة "شاهد-149 غزة" هي أكثر الطائرات القتالية المسيرة تطورًا في إيران حتى الآن. صُممت هذه الطائرة لتنفيذ ضربات دقيقة بعيدة المدى ومهام مراقبة مستمرة، وهي مزودة بنظام دفع توربيني قادر على تنفيذ طلعات جوية لمدة 35 ساعة عبر دائرة نصف قطرها 2500 ميل. تشمل تسليحها ما يصل إلى 12 قنبلة موجهة بدقة من طراز "سديد-345"، ثماني قنابل منها مثبتة خارجيًا وأربع قنابل في مخزن أسلحة داخلي، وهي سعة حمولة تفوق معظم نظيراتها في المنطقة، وتتحدى حتى التصاميم الغربية متوسطة المستوى.
يبدو أن المهندسين الإيرانيين استلهموا تصميم طائرة "إم كيو-9 ريبر" الأمريكية، حيث تعكس طائرة "شاهد-149" الدروس المستفادة من جهود الهندسة العكسية السابقة. والنتيجة هي منصة طائرات مسيرة قادرة على أداء مهام متعددة بمرونة، تدمج أنظمة الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع مع قدرات الهجوم بطريقة لم تحققها إيران من قبل. في حين لا تزال تفتقر إلى دمج أجهزة الاستشعار والشبكات عبر الأقمار الصناعية مقارنةً بأنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، فإن قدرة تحمل طائرة غزة المسيرة وقدرتها على تنفيذ ضربات جوية عالية الجودة تهدف إلى سد هذه الثغرات.
إلى جانب مواصفاتها التقنية، ما يميز طائرة "شاهد-149" الآن هو دورها في استراتيجية المبيعات العسكرية الخارجية لإيران. تُروّج طهران علنًا للطائرة المسيرة كنظام مُخصص للتصدير، مُشيرةً إلى استعدادها لتجاوز القيود الدولية على الأسلحة من خلال توفير منصات مُجهزة للحكومات والقوات الوكيلة المُستبعدة من سوق الأسلحة الغربية. وقد أشارت مصادر في صناعة الدفاع الإيرانية إلى أن طائرة غزة المسيرة تُعرض كحزمة متكاملة، مع التدريب والصيانة والدعم التشغيلي.
من الناحية الاستراتيجية، يُمثل قرار إيران بعرض وتسويق طائرة "شاهد-149" أكثر من مجرد طموح تجاري. فهو يُؤكد عزم طهران على تطبيع عقيدة حرب الطائرات المسيرة على الساحة العالمية، مُبرزةً غزة كرمز للصمود الوطني في ظل العقوبات، وكقوة مضاعفة للدول الحليفة أو الجهات الفاعلة غير الحكومية. بفضل نطاقها القتالي، تُصبح أهدافها الرئيسية الأمريكية والإسرائيلية والخليجية في مرمى نيرانها، مما يرفع دورها من منصة تكتيكية للاستخبارات والمراقبة والاستطلاع إلى رادع استراتيجي.
مع تأكيد الخدمة التشغيلية وبدء الترويج للتصدير، تُمثل طائرة غزة المسيرة نقطة تحول في الموقف الدفاعي الإيراني، من الإنتاج المنعزل إلى الانتشار النشط. إذا تحوّل جزء ضئيل من جهود طهران التسويقية إلى عقود خارجية، فقد تُحدث طائرة "شاهد-149" تغييرًا كبيرًا في تكافؤ الطائرات المسيرة إقليميًا، وتُشكّل تحديًا لهيمنة برامج الطائرات المسيرة المتحالفة مع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأجزاء من آسيا الوسطى.