بالرغم من أن المساعي الدولية تستهدف إنهاء
حالة الصدام المباشر بين إيران وإسرائيل بعد الضربة الجوية للأخيرة، إلا على ما
يبدو أن هناك تيار قوي داخل صناعة القرار الإيراني يسعى لأن تكون الكلمة الأخيرة
بيد إيران. وهو ما ظهر في تصاعد تصريحات عدد من مسئوليها، وعلى رأسهم رئيس
الجهورية، بأن هناك ضربة رد إيرانية قادمة.
وبناء على القصفات الإيرانية التي تمت على
إسرائيل في منتصف إبريل وأول أكتوبر الماضي، وتعامل إسرائيل وحلفاءها مع هذه
القصفات، إلى جانب الدعم الأمريكي الأخير لإسرائيل. يمكن أن نقدر قدرة كل من إيران
وإسرائيل في الجولة الخامسة.
أولاً: قدرة إيران الصاروخية/ الجوية لتوجية
ضربة:
شنت إيران هجومين على إسرائيل خلال هذا
العام، الأول كان بمشاركة أغلب أذرعها في المنطقة (الحوثيين – الميليشيات
العراقية) مستخدمة الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار الإنتحارية. والثاني
شنته إيران منفردة باستخدام الصواريخ الباليستية فقط. وذلك بالشكل التالي:
الهجوم الإيراني الأول: 13/14 إبريل 2024:
والذي يتوقع أن تكون إيران قد استخدمت فيه
الحد الأقصى من الطائرات بدون طيار الإنتحارية أو الصواريخ الجوالة التي تستطيع
إطلاقها من أراضيها، حيث كانت إحصائياتها كالتالي: - 170 طائرة بدون طيار إنتحارية
أغلبها أطلق من الميليشيات في العراق والحوثيين. - 30 صاروخ جوال بعيد لمدى أغلبهم
أطلق من الحوثيين والميليشيات في العراق. - 120 صاروخ باليستي أغلبهم أطلق
من إيران. - استمر الهجوم ما بين 5 إلى 6
ساعات. - شاركت كل من فرنسا – الولايات المتحدة – بريطانيا في التصدي للهجوم. - أنباء عن سقوط عدد من الصواريخ في مناطق مفتوحة، ولم يتم رصد إصابة أى
منشآت عسكرية إسرائيلية. - إسرائيل أعلنت أنها تصدت إلى 99% من الصواريخ التي أطلقت عليها. - بلغت التكلفة المالية للتصدي 1.35 مليار دولار. - إعترضت القوات الجوية والدفاع الجوي الأردني الطائرات بدون طيار التي
إخترقت مجالها الجوي.
الهجوم الإيراني الثاني: الأول من أكتوبر
2024:
- أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي أن إيران هاجمت بـ 200 صاورخ باليستي. - شوهدت في مناطق عديدة بالأردن وفلسطين وإسرائيل حجم كبير من الصواريخ
الإيرانية. - رصد من خلال كاميرات مراقبة ليلية (يرجح أنها بالأردن) تصدي وحدات الدفاع
الصاروخي الإسرائيلي بعيد المدى (يرجح الأرو) للهجوم بمنطقة جغرافية شاسعة، قد
تكون كامل جنوب الضفة الغربية، ولم يتجاوز عدد صواريخ الإعتراض التي أطلقت 20
صاروخًا إنطلقت من أربع مناطق مختلفة. - صور العديد من شهود العيان مقاطع لعدد كبير من الصواريخ تسقط على أهداف
محددة، تجاوز بعضها في بعض مقاطع الفيديو 25 صاروخ. - سجلت إصابات في عدة مواقع إسرائيلية مختلفة، ولكن ما وثق بصور الأقمار
الصناعة هو إصابة قاعدة نيفاديم الجوية بما لا يقل عن 20 صاروخ بشكل مباشر. - يتوقع استخدام إيران في هذه
الضربة لكامل وحدات الصواريخ الاستراتيجة بعيدة المدى، والتي قدرناها بـ 6 ألوية
صواريخ مكونة من 17 كتيبة.
ثانيًا: وسائل الدفاع الجوي/ الصاروخي الإسرائيلي:
يتمثل الدفاع عن المجال الجوي الإسرائيلي ضد
التهديدات الجوية في شكل طبقات مختلفة المديات ومتنوعة الخصائص، حيث تنقسم
كاللآتي:
1- الدفاع الجوي: تعتبر المقاتلات متعددة المهام هي خط الدفاع
الأول والعمود الفقري له بإجمالي 310 مقاتلة، وتعمل على تدمير كافة الأهداف الجوية
ثابتة الجناح (طائرات بكافة أنواعها – صواريخ جوالة) على حدود المجال الجوي أو في
نطاقات خارجة على حسب الوضع في دول الجوار. وتأتي وحدات الدفاع الجوي مختلفة المديات في الخط
الثاني، لتتعامل مع ما ينفذ من الخط الأول، وذلك في مناطق تدمير تُغطي الأهداف
الحيوية، مكونة من الآتي: - 3 كتائب باتريوت - 2 (طبقًا لـ Military Balance 2024)، ولكن يتوقع استبدالها جميعًا
بمقلاع داوود. - 2 كتيبة مقلاع داوود (غير معلوم
العدد الأقصى من الأهداف التي تستطيع تدميرة). - عدد غير معلوم من كتائب سبيدر (تستطيع كل منها تدمير 12 هدف جوي). - كما بدأت إسرائيل في استخدام الهليكوبتر المسلح الأباتشي في تدمير الطائرات
بدون طيار التي تنجح في إختراق المجال الجوي في المناطق خارج مناطق التدمير لوسائل
الدفاع الجوي.
2- الدفاع الصاروخي:
- تعتبر وحدات الدفاع الصاروخي الأرو – 2 /3 + مقلاع داوود، هم قوة الصد
الوحيدة لدى إسرائيل لتدمير الصواريخ الباليستية بعيدة ومتوسطة المدى الإيرانية. - بطارية صواريخ ثاد أمريكية التي وصلت بالفعل إلى النقب وبدأت في العمل، مع
إحتمال وصول بطارية ثانية خلال الفترة القادمة. - إحتمالية وصول/ وجود قطع بحرية أمريكية من طراز Arliegh Burke بالقرب من الصواحل
الإسرائيلية، والتي لديها قدرات دفاع صاروخي توازي بطارية ثاد.
ثالثًا: حجم ونتائج الضربة الصاروخية
الإيرانية الثالثة:
1- تقدير حجم الضربة الإيرانية:
- يتوقع إطلاق نفس عدد الصواريخ الباليستية في الضربة الثانية أكتوبر الماضين
وهو 200 صاروخ، إذ أقدر أنه الحد الأقصى لقدرتها الصاروخية بعيدة المدى في الرشقة
الواحدة. وقدرت تنظيمها بـ 17 كتيبة صواريخ استراتيجية (6 ألوية صواريخ تقريبًا). - على الرغم من مصادر إطلاق الـ 200 طائرة بدون طيار + الصواريخ الجوالة في
الهجوم الأول كانت أغلبها من خارج إيران، لإفتقادها القدرة على حشد كثافة نيرنية
من هذه النوعيات من على أراضيها. إلا أننا سنفترض أنها تستطيع تكرار هذا السيناريو
عدديًا بشكل أو بآخر في الضربة الثالثة. - هناك أنباء عن محاولات إيرانية نقل صواريخ باليستية إلى الأراضي العراقية،
وذلك لاستخدامها في الضربة الصاروخية الثالثة المتوقعة. والتي يرجح أن تكون متوسطة
وقصيرة المدى لن تستطيع الوصول لإسرائيل إنطلاقًا من إيران، فمن غير المعقول أن
تنقل جزء من صواريخها بعيدة المدى للعراق طالما تطال إسرائيل إنطلاقًا من إيران.
ويرجح أن سبب هذه المحاولة هو زيادة معدل الصواريخ عن الرشقة السابقة لعاملين،
الأول هو إكتشاف إنخفاض نسب الإصابة/ التأثير/ التدمير للاهداف التي سقطت عليها
بالفعل جزء من الصواريخ. والثاني هو زيادة كثافة الدفاع الصاروخي عن إسرائيل بوصول
بطارية الثاد الأمريكية، ما يضعف أكثر من تأثير الضربة القادمة.
2- تقدير قدرة الدفاع الجوي/ الصاروخي الإسرائيلية:
على الرغم من وصول تعزيزات أمريكية لمنطقة
الشرق الأوسط لزيادة الدفاع عن إسرائيل، وهنا نتحدث عن المقاتلات خاصة. إلا أننا
لن نضعها ضمن حسابات قدرة الدفاع الإسرائيلية. طالما لم تتمركز في إسرائيل، إلى
جانب أن القوات الجوية الإسرائيلية لديها الحجم الكافي للدفاع عن أجوائها في الشكل
الحالي من التهديدات كالتالي:
مهام الدفاع الجوي: والتي تعتبر الحلقة الأكثر صلابة في خطة
الدفاع عن الأجواء الإسرائيلية ككل، إذ توفر المقاتلات الإسرائيلية كثافة نيرانية
مرتفعة ضد الطائرات بدون طيار الإنتحارية والصواريخ الجوالة. وذلك بالتالي: - تستطيع المقاتلة الواحدة طراز F-16
تدمير 6 أهداف جوية على الأقل في الطلعة الواحدة. - تستطيع المقاتلة الواحدة طراز F-15
تدمير 8 أهداف جوية
على الأقل في الطلعة الواحدة. - كتيبة مقلاع داوود (غير معلوم العدد الأقصى من الأهداف التي تستطيع
تدميرة). - كتيبة سبيدر (تستطيع كل منها تدمير 12 هدف جوي).
مهام الدفاع الصاروخي: وهي الحلقة الأضعف في الدفاع عن أجواء
إسرائيل، والتي يُحدَدّ مقياسها عدد الصواريخ الباليستية بعيدة المدى المعادية
التي يجب تدميرها. وتتشكل وحداتها حاليًا من الآتي: - بطاريات الأرو – 2/3 + مقلاع داوود: بحسب المتابعات لما سُجل بفيديوهات
مختلفة لإطلاق صواريخ تلك البطاريات الإعتراضية، لم يزد عددها عن 20 صاروخ في
المجمل، ويصعب تحديد كم منهم لكل نوع. ولكن من المؤكد أنه تم إطلاق الحد الأقصى لشبكة
الدفاع الصاروخي لصد موجات الصواريخ الإيرانية. - بطارية الثاد: وهي الدعم الأمريكي الموجود على الأراضي الإسرائيلية، وتستطيع
البطارية الواحدة منها تدمير عدد 48 صاروخ باليستي بعيد ومتوسط المدى. - مدمرات Arliegh Burke:
وهي عصب البحرية الأمريكية، والتي يتوقع أن يكون بعض منها يتواجد حاليًا في نطاق
الشواطئ الإسرائيلية. إذ تدخل في شبكة الدفاع الصاروخي الأمريكي، وتستطيع كل منها
تدمير عدد 96 صاروخ باليستي بعيد ومتوسط المدى.
3- تقدير نتائج الضربة الصاروخية الإيرانية الثالثة المتوقعة:
قبل الدخول في التقدير، هناك ملاحظة على
الضربة الصاروخية الإيرانية الثانية، ألا وهي عدد الصواريخ التي سقطت بالفعل على
أهداف إسرائيلية.
فعلى سبيل المثال قد سجلت مقاطع مصورة من
مناطق بالضفة الغربية، أظهرت مسارات ومناطق سقوط الصواريخ الإيرانية على الأهداف
الإسرائيلية من مسافات بعيدة، منها هدف سقط في اتجاهه 90 صاروخ على الأقل (يتوقع
قاعدة نيفاديم الجوية). في حين ظهرت مقاطع مصورة قريبة للغاية لاستهداف قاعدة
نيفاديم الجوية برشقة صواريخ إيرانية كثيفة، إلا أن الصور الجوية التي تم تحليلها
بعد الضربة لم توضح سوى 35 إصابة للقاعدة. هذا يعني أن هناك ما لا يقل عن 60% من
الصواريخ الإيرانية لم تستطع إصابة القواعد الجوية. ومن هنا أتوقع الآتي: - أن تطلق إيران 200 صاروخ باليستي بعيد المدى إنطلاقًا من أراضيها كحد أقصى،
مع إحتمال (ضعيف) لدفع 10 كتائب صواريخ متوسطة المدى بإجمالي 110 : 140 صاروخ داخل
العراق لأقرب نقطة ممكنه من إسرائيل، وذلك لزيادة الكثافة النيرانة والوصول لأقل
معدل خطأ ممكن. - نجاح شبكة الدفاع الصاروخي المدافعة عن إسرائيل حاليًا في تدمير كافة
الصواريخ الباليستية الإيرانية المتوقع وصولها في سماء إسرائيل، إذ سيدعم وجود
بطارية الثاد + القطع البحرية Arliegh Burke من الفجوة التي عانت منها
إسرائيل في الضربة السابقة. مع توقع سقوط بعض الصواريخ الإيرانية بنسب وإصابات
تشبه القصفة الأولى غير الملموسه بالمره. - أن تطلق إيران والميليشيات الحليفة لها بحد أقصى 200 صاروخ جوال وطائرة
بدون طيار إنتحارية تجاه إسرائيل، كما حدث في الضربة الأولى.تمتلك إسرائيل 310 مقاتلة، بوضع متوسط نسب
الصلاحية الفنية لها وهي 65%، إذًا فعدد المقاتلات الصالحة للقتال هي 201 مقاتلة
تقريبًا. وبفرض أن إسرائيل ستطلق 30% منها فقط لإعتراض الصواريخ الجوالة والطائرات
بدون طيار المعادية القادمة المتوقعة بإجمالي 60 مقاتلة تقريبًا ، وبأن متوسط
حمولة الصواريخ جو – جو لكل مقاتلة هي 7 صواريخ. إذ فإن القوات الجوية الإسرائيلية
تستطيع تدمير 420 هدف جوي من هذه الفئه.