تحليل: من دروس الحرب في غزة (1)

من الأخطاء القاتلة للفصائل الفلسطينية في مواجهة القوات المدرعة الإسرائيلية المتوغلة في غزة، هو عدم تطوير التكتيكات الصغرى لتتماشى مع تجهيز العديد من الدبابات والمدرعات بنظام الدفاع النشط (Trophy)، مما أسهم في زيادة معدل بقاء تلك الدبابات في مسرح عمليات قطاع غزة دون تدمير من الصواريخ المضادة للدبابات (العدو الأول لها) بنسب قد تتجاوز 99% دون مبالغة. خاصة في ظروف حرب المدن، التي تعتبر أحد أسوأ بيئات عمل الدبابات، لكن عدم قدرة التغلب على Trophy قد قلبت المعدلة بشكل مذهل لصالح القوات الإسرائيلية.

ببساطة؛ الـTrophy هو يماثل نظام دفاع جوي مركب على الدبابة/ المدرعة، يقوم بتدمير كافة أنواع وفئات الصواريخ المضادة للدبابات سواء كانت موجهة مثل الكورنت، أو غير موجهة مثل RPG-7. وذلك من خلال المكونات التالية:
1- المستطيل الأصفر: أربعة رادارات مركبة على جانبي برج الدبابة/ جسم المدرعة، تكشف بزاوية 360 درجة (أفقى ورأسي) أى صواريخ مقتربة من جسم الدبابة/ المدرعة، سواء كانت قادمة بشكل مباشر أفقيًا، أو من زاوية حادة رأسيًا (Top-attack). وهو العنصر الأقوى في النظام ككل.
2- المستطيل اللبني: قاذفي خرطوش على كلا جانبي برج الدبابة/ جسم المدرعة، يعملان على تدمير الصواريخ القادمة في مسافة تقدر بـ 5 : 20 متر من جسم الدبابة/ المدرعة، بمعدل إعادة تعمير بعد تدمير الصاروخ يقدر بـ 2 ثانية كحد أقصى. وهو العنصر القاتل في النظام.

ويظهر في الصورتين المرفقتين وهج تفجير الصواريخ من قِبلها، وهو ما تصوره فصائل المقاومة في إصداراتها على أنها تدمير/ إصابة الدبابة، وهو أمر غير صحيح. إلا في حالة واحدة فقط تمت فيها إصابة مدرعة نامير مزودة بنظام Trophy كانت بالقرب من السياج الحدودي مع مصر، في أولى مراحل التقدم نحو تل السلطان، ويرجح أن يكون النظام غير مفعل أو به خلل لأنه لم يصد الصاروخ.
وعلى الرغم من تقادم الـ RPG-7 (السلاح الرئيسي للفصائل ضد الدبابات) وعدم قدرتة على إختراق مقدمة والنصف الأمامي من تدريع الدبابة ميركافا 3/4 والمدرعة نامير. إلا أنه مازال قادر على إختراق الجزء الخلفي منهم، أو على أقل تقدير قطع جنزير الدبابة/ المدرعة وإيقاف تقدمها، ومن ثم التعامل معها بوسائل أخرى حال ثباتها.

ولكن وجود الـ Trophy يمنع الـ RPG-7 من الوصول إلى أى نقطة من جسم الدبابة/ المدرعة.

وقد كانت هناك مناقشات مع بعض الزملاء منذ أكثر من ثمان سنوات، لكيفية التغلب على الـ Trophy، بشرط، أن توظيف الأسلحة المتاحة حاليًا، دون أن تكون هناك تكلفة إضافية. إذ أن عناصر المقاومة تتسلح في الأغلب بالآتي:
- بنادق آلية.
- رشاشات خفيفة.
- قواذف RPG-7.
- صواريخ موجهة مضادة للدبابات.

لذا؛ فإن أسلوب التغلب على الـ Trophy يكون من خلال توظيف أضعف عناصر تسليح الفصائل، إلى أقوى عنصر في النظام. وذلك بالآتي:

أولاً: الضرب بالبنادق الآلية والرشاشات الخفيفة على رادارات الـ Trophy بالجنب المُعرض للعناصر الفلسطينية، إذ أن الهوائيات بطبيعتها غير مدرعة، وحساسة ضد أى تأثير حاد خارجي عليها. وحال إصابتها بتجميع من الطلقات ستفقد قدرتها على رصد أى صواريخ قادمة، مما يفقد النظام بالكامل فاعليته.
وحال ثبوت تدريع هوائيات رادار الـ Trophy، وعدم تأثرة بطلقات البنادق الآلية والرشاشات الخفيفة، يتم تركيز الضرب على قاذف الخرطوش، وهو الجزء المتحرك الوحيد لحتمية إعادة التعمير، ما سيتلف الأجزاء الميكانيكية المتحركة به، وبالتالي إفقاد الـ Trophy القدرة على صد الصواريخ بالرغم من سلامة راداراتة.

ثانيًا: حال استخدام الـ RPG-7 يتم الضرب (حسب وضع الرامي) على النصف الخلفي من الدبابة/ المدرعة، لإحداث أكبر إختراق ممكن. وحال الضرب على النصف الأمامي، يتم التركيز على قطع الجنزير فقط، لأن سمك التدريع في النصف الأمامي لن يمكن الـ RPG-7 من إختراقة.
وحال استخدام الصواريخ الموجهة مثل الكورنت، فإن الضرب على أى منطقة في جسم الدبابة سيدمرها، نظرًا لقدرة الصاروخ على إختراق تدريعها في أى نقطة.
لكن نجاح هذا الأسلوب يستلزم تدريب أطقم/ مجموعات القتال بشكل محترف، إذ أن كل منهم يكمل الآخر لتدمير الدبابات/ المدرعات المزودة بنظم الدفاع النشط، وهو أمر لم يكن معهود من قبل منذ ظهور الدبابة والصاروخ المضاد لها في القرن الماضي. وأى خلل أو خطأ يحدث من أى منهم سيؤدي إلى إكتشاف موقعهم وقتلهم بنسبة كبيرة.