أعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي دعم المملكة المتحدة الكامل لجهود تركيا للانضمام إلى برنامج طائرات يوروفايتر تايفون المقاتلة، وفقًا لمعلومات نشرتها صحيفة حريت اليومية في 30 يونيو 2025. وفي مقابلة أجريت معه قبل زيارته لأنقرة، أكد لامي على القيمة الاستراتيجية لحصول تركيا على طائرات يوروفايتر تايفون من الجيل الرابع وما فوق، واصفًا هذه الخطوة بأنها خطوة حاسمة لتعزيز التوافق التشغيلي لحلف شمال الأطلسي والتعاون الأمني الإقليمي. كما أكد أن لندن تعمل بنشاط على تذليل العقبات السياسية داخل اتحاد يوروفايتر، وخاصةً من ألمانيا، لتسهيل إتمام الصفقة بنجاح.
طائرة يوروفايتر تايفون هي طائرة مقاتلة متعددة المهام عالية المرونة، طُوّرت بشكل مشترك من قبل المملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا. تُعدّ مقاتلة التفوق الجوي العمود الفقري للعديد من القوات الجوية لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهي مُجهزة بإلكترونيات طيران متقدمة، ورادار AESA (مصفوفة المسح الإلكتروني النشط)، ومجموعة أسلحة مُثبتة في القتال، ومناسبة لكل من مهام الهيمنة الجوية والضربات الدقيقة. على الرغم من أنها ليست خفية مثل مقاتلات الجيل الخامس مثل F-35، إلا أن طائرة تايفون خضعت للتطوير المستمر للعمل في بيئات حرب إلكترونية مُعقدة، وتحظى باحترام واسع لقدرتها على المناورة، واندماج أجهزة الاستشعار، والتوافق التشغيلي مع أنظمة حلف شمال الأطلسي.
بالنسبة لتركيا، يعكس الاهتمام بطائرة يوروفايتر تايفون استراتيجية مُتعددة الأوجه لتنويع قوتها الجوية في ظل تحديات المشتريات المُتطورة. بعد استبعادها من برنامج مقاتلة F-35 المُشتركة في عام 2019 بسبب استحواذها على نظام الدفاع الجوي الروسي S-400، سعت تركيا إلى مسارات بديلة لتجديد وتحديث أسطولها القديم من طائرات F-16. على الرغم من تقدم المحادثات الأخيرة مع الولايات المتحدة بشأن دفعة جديدة من طائرات إف-16 بلوك 70 المقاتلة، لا تزال تركيا خارج منظومة مقاتلات الجيل الخامس، مما يحد من قدراتها على التفوق الجوي على المدى الطويل. وهكذا، تبرز طائرة يوروفايتر تايفون كجسر استراتيجي: منصة عالية الكفاءة تعزز تحالفها مع حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وتستعيد قدراتها المفقودة، وتأتي بشروط سياسية أقل من البدائل الأمريكية.
في الوقت نفسه، تحرز تركيا تقدمًا كبيرًا في تطوير مقاتلتها المحلية من الجيل الخامس، KAAN. من المتوقع أن تحلق KAAN، التي طورتها شركة الصناعات الجوية التركية، في تشكيلات تشغيلية في وقت لاحق من هذا العقد، وهي مصممة لتوفير قدرات التخفي، والطيران الفائق، ودمج أجهزة الاستشعار المتقدمة. مع ذلك، لا تزال KAAN في مرحلة التطوير، وتحتاج تركيا إلى حل مؤقت لسدّ فجوة القدرات. يمكن أن تكون طائرة يوروفايتر ليس فقط حلاً مؤقتًا، بل أيضًا موردًا مكملًا، مما يسمح للقوات الجوية التركية بالحفاظ على التكافؤ التكنولوجي في المنطقة حتى تصل KAAN إلى مرحلة النضج.
علاوة على ذلك، من شأن الاستحواذ على طائرة يوروفايتر أن يُعزز العلاقات الصناعية مع حلفاء الناتو الرئيسيين. ومن خلال مجلس الصناعات الدفاعية التركي البريطاني، تستكشف أنقرة ولندن مشاريع مشتركة وتبادل التكنولوجيا، مما قد يسمح للشركات التركية بالمساهمة في صيانة وتحديث يوروفايتر، أو حتى تصنيع مكوناتها. ومن شأن هذا التعاون أن يعزز طموح تركيا الراسخ في الارتقاء بصناعتها الدفاعية إلى لاعب عالمي رائد.
بالنسبة لحلف الناتو، لا يقتصر تعزيز سلاح الجو التركي على الدفاع الوطني فحسب؛ بل هو مسألة استعداد على مستوى الحلف وعمق استراتيجي. من الناحية الجغرافية، تحتل تركيا موقعًا حيويًا عند مفترق طرق بين أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، حيث تُطل على البحر الأسود ومناطق صراع رئيسية في سوريا والعراق. وتُعدّ قواعدها الجوية، بما في ذلك إنجرليك وقونية، أساسيةً لاستعراض القوات والعمليات الاستخباراتية وحملات التحالف. إن وجود سلاح جو تركي حديث وجاهز للقتال ومجهز بطائرات يوروفايتر من شأنه أن يعزز بشكل كبير الجناح الجنوبي لحلف الناتو، ويحسن الدفاع الجوي الجماعي، ويوفر مرونة أكبر لعمليات الردع في المجالات الجوية المتنازع عليها.
تظل تركيا واحدة من أكبر القوى العسكرية وأكثرها كفاءة داخل حلف الناتو. إن ضمان احتفاظها بالتكافؤ التكنولوجي في قدراتها الجوية يساعد في الحفاظ على تماسك التحالف، لا سيما مع استمرار تطور التهديدات الناشئة من روسيا وإيران والجهات الفاعلة غير الحكومية. إن تعزيز أسطول تركيا المقاتل بمنصات مثل يوروفايتر تايفون ليس مجرد مسألة ثنائية، بل هو استثمار استراتيجي في البنية الأمنية لحلف الناتو ككل.